قاتِلتِي المُحترفة:
مَطر…
أشجان و دموع تتولى…
عقل عالق داخل متاهة…
حبٌ ضائع و دموع متساقطة.
نفس تهوى و لُبّ ينفر..
تك، تك… تك، تك..
تجاذب و تنافر..
ساعات تمر ببطئ كسلحفاة حامِل..
ذكريات تتثاقل و تتراكم…
شريط حياتِي يتكرر…
كيف؟ متى..؟ أين؟..
أسئلة تُطرح دون جواب…
“ن ش ت ي ك”
ااه و أخيرا نطقت شفتاي بحروف غير مفهومة..
زلزال يضرب أسناني..
وعواصف تجذبني إلى ما يُسمى بسُمّ العلاقات..
الحُب و كلمة “نشتيك التي تفوهت بها لأول مرة”
رائحة التراب المبلل تُذكرني بأول لقاء بيننا..
تحت شتاء ديسمبر، وبرد يناير التقينا..
بقلوب محرومة، ارتشفنا أول نظرة..
أيِعقل أنّني سأنسى؟..
هاه، لازال مُنتصفي ينبض لأجلك..
وكلما حاولت الإبتعاد جذبني إليه بمغنطيس الإشتياق المُلون…
أريد التحرر، لكنّني مُقيدة بسلاسل حديدية..
داخل غرفة الإستجواب محبوسة..
الشرطي أمامي و نظرات الغضب تتملكه..
كيف استطعت قتله بتلك الطريقة البشعة؟
مَنْ؟
معشُوقك أيا مجنونة… ألم يكن خطيبك؟
من أين لك الجرأة على نزع قلبه و تشريحه؟
أنت بارعة، أهنئك يا فتاة…
أبادله نظرة التقزز و الغضب..
بعدها أضرب الطاولة محاولة كسر السلسلة الحديدية لكن دون جدوى..
أصرخ مِرارا، بعدها أقول “لو كان صادقا لما تجرأت على ذلك.
الخائن عقوبته القتل يا عزيزي ههههه…
أنتَ لا تعلَمُ ما فعَلهُ بِي ذاتَ يومْ لذَلك يا حضْرة المُحقق لا تُطل الحديثَ معِي، كمَا أنّني طالِبة ماستَر في الحُقوق و أعلَمُ جيّدًا عُقوبَة القتل، لذلك إنْ كُنت مُتأكّدًا مِن جريمَتِي تفضّل و اعْتقِلنِي…
_الشّرطِي (وهو يحكّ لحيَتَه بإندُهاش): هممم، حدِيثُك ليسَ عادِيًا و هذَا ما يعنِي أنّ هُناك أمرًا خفي، يحدث..
هذِه القضيّة بدأتْ تتعقّد شيءً فشيءً…
ترفَعُ إيِمّا رأسَها نحوَ السّقف، لتأْخُذ نفسًا عمِيقًا، بعدَها ترْدِف قائِلةً: سأروِي جُلّ ما أعرِفه، فقَط انْزع عينَاكَ عنّي، إنّك تُذكّرنِي بِيه..
الشّرطِي بتعجّب: هاه، حسنًا، تفضّلي…
إيمّا: ذاتَ ديجُور، اتّصل بي خاطِبي آرثَر، تحدّثنا قلِيلًا بعدَها أصَرّ على أنْ نلتَقِي في الصّباحِ البَاكِر…
سألتُه مِرارًا عن السّبب لكِنّه كان يرفُض الإِجابة، وبعد نصْف ساعةٍ من الحَديث قطَع الخطّ بِحُجّة النّعاس..
حاولت النّوم فور إنتهَاء المُكالمة، لكِن سُرعان مَا وصلَتنِي رِسالةٌ مِن رقْمٍ غيرِ معرُوف، مُحتواها..«آرثَر مِلكِي، حتّى وإنْ رفضتِ هذَا، هُو زوجِي أنَا..»
اسْتغربت كثِيرًا، بعدَها اتّصلتُ بِه وقَد كان الخَطّ مشغُولًا…
كرّرت الإتّصال ولمْ يسْتجِب لِي..
الشّرطِي: وما دَهاهُ لِفِعلِ هذَا؟
إيِمَا (بنبرة حزْن): دعنِي أُكمِل رجَاءً…
الشّرطِي: هيّا أنا فِي الإنتِظَار..
إيِمَا: نِمت تلك الليلة والقلق يغزو جسدِي..
في الصّباح الباكِر، اتّصل مرّة أخرى ليُخبِرنِي بأنّه قادِم لِرُؤيتِي في المكان المُعتاد..
جهّزت نفسي و اتجهت نحو الحدِيقة التّي جَمعتنَا أوّل مرّة، وفور وُصولِي رأيتُ ما لمْ يكُن فِي الحُسبَان…
رأيتُ آرثَر وهو يُمسِك يدَ فتَاةً عِشرِينِية.
لقد كان الفتَاةُ شِبه مُتبرجّة، لِباسُها غير لائِق ولا حتّى مَكِياجُها و تسْريحَةُ شعرِها جمِيلة..
توَجّهتُ نحوه بخُطواتٍ ثقِيلة، حاولتُ تمالُك دمُوعِي حِينها.. وبعد ثوانٍ مِن صّمت، تركَ يدَها و تقَدّم إليّ..
آرثَر (بنبرةٍ شيطَانِية): آسف عزِيزتِي، لقد كَذِبتُ علَيك في بعض الأمُور..
إيمّا (بنظرة تقزز): هه، كذِبك ليسَ غرِيبًا عزِيزي،هيا أكْمل كي أنْصرِف..
آرثَر: أنَا آسف حبِيبتِي لأنّني لم أخبِرك الحقيقَة كامِلة..
إيما(وهي تُحاول التّحكم في أعصابها): آسف هه، على ماذَا؟ أتظُنني حمقاء؟ لقد اتّصلت بك البارحة وقد كان خطك مشغولا، كما أنّ حبيبتَك الشّقراء أرسَلت لي رسالةً تُخبرني فيها بأنّك مِلكُها، ألا يكفِي هذَا!!
آرثَر: مُهجة، هل فعلْتِ هذا حقًا..
تُجِيبه الفتاةُ الشّقراء بكُل ثِقة: نعم فعلتْ، و سأقوم بشيْءٍ أسوء من هذَا، إن لم تقُم بفسخِ خُطُوبتِك، أنَا زوجَتُك، أمّا هي فلا تُناسِب شخصًا مِثلك، له كارِيزما و قوة عظيمة..
آرثَر: اصمُتِي…
إيما أنا آسف، أقسم لك بأنّني أحبك أنتِ فقط..
صحِيح، تزوّجتُ مُهجَة قبل أيام فقط، أي عندما سافرْتُ لِكنَدا من أجل رُؤية والدَِتِي..
إيما (وهي تنزع خاتَم الخُطوبة من يدِها): تبًا لكَ، تفضّل خاتَمك، وابْتعِد عنّي..
لم أعُد أريدك بعد الآن، لقد أحببتُك أكثر مما ينبغي لكِنّك خائِن…
آرثَر: سامِحيني أرجوُكِ…
غادَرتُ وكُلّي عالِق في المنْظر الذّي شاهدتُه تِلك اللحْظة..
هه، لقد تزوّج ونسِي وعْده، تبًا جمِيعُكم خائِنون..
وَصلتُ إلى المنْزل و عند دخولِي صادَفتُ صدِيقتِي نُور التّي لطَالمَا كَانت تُحذّرنِي مِنه..
تقدّمت نحوها بخُطوات عرجاء، عانَقتُها والدّموع تملؤُ مُقلتَاي..
إيمّا: لقدْ كُنتِ مُحِقة يا عزيزتي، هُو خاَئِن ولا يجدُر بي البقَاء مَعه..
أخبرْتُ نور بكُل ما حدث، وفي المساء غادرتْ المنزَل، بعدما قامَت بترتِيب غُرفتِي و طهو الطّعامِ لأجلِي..
فور خُروجِها، اسْتلقيت على الأريكة، فجأةً طُرِق الباب..
تك، تك..
ما إن فتَحتُه حتّى صادَفت مُهجة، الشّقراء اللّعِينة..
تفضّلي، ماذا تُريدِين؟
مُهجَة (بنظرات غريبة): هاه، ألن تسمحِي لي بالدّخول، هل تستقبلين ضيوفك ببُرودك هذا..؟
إيما: ادخُلي و هاتِ ما عِندك، بعدها انْصرفِي..
مُهجة: أريدك أن تبتعدي كُل البُعد عن زوجي..
هو يحبني و أنا أيضا، لذلك لا تكونِي حمقاء، ولا تتدخلي في أمورٍ لا تعنِيك..
ثم أضافت قائلةً: إنْ لم تُصدّقي أمر زواجِنا هذا مِن شأنِك، لكِن اُنظُري كَم نحنُ مُختلِفتَين، فتاةٌ مِثلك، لا تليق بآرثر أبدًا..
أنتِ مُقزّزة هاهاها…
إيما (ونار الغضب تملؤ عيناَها):
Oh, i don’t care
والآن غادِري منزِلي لُطفًا..
فتَحتُ الباب و لأُخرِجها لكنّها لم تستَجِب…
مُهجَة: أريد أن أُريك بعض الصّور، بعدها سأخرج لوحدي..
إيما: هاتِ ما عِندك..
مدّت يدها نحو حقيبتها، وبعد ثوانٍ فتحت قفل هاتِفها و راحتْ تُرينِي بعض الصّور الخاصّةِ بها، هي و آرثر وهذا ما زادَ مِن غضَبِي…
حاولت إمساك يدِها، لكِنّها فهِمت أنّني سأطردها لذلك خرجت لوَحدِها..
أغلقتُ الباب و أطفأتُ الأنوار..
اتكأتُ على الأريكة، وسرعان ما باتت الذّكريات تحوم حولِي..
شرِيطُ الأيّام التّي قضيناها سوِيةً، وخُدعَة السّنتَين لازلتْ تُرافِقُنِي..
أحلامنا و حتّى همساتُه و أكاذيبه …
كُل شيء عالِق داخِل عقلِي..
رفعت رأسِي نحو السّقف، وقمت بإغماض عيناي..
فجأةً تذكرت ما حدث و ما شاهدته قبل دقائق..
قفزت من مكانِي…
اتّجهت نحو الحمّام..
اتّجهت نحو الحمام، ثم فتحت خزانة الأدوية و تناولت جرعة متفاوتة من مسكنات الألم و غيرها..
بعدها فتحت المُرش لأستحِم لكِن نظَري كان لشفرة الحِلاقة المرمية على الأرض..
قمت بجلبِها، وبعد تفكير عميق قُمت بتمريرها حول وريدي لمرات متتالية…
كانت طاقتِي شبه منعدمة، سقطت أرضًا ولم أبالِي، فجأة اختَلستُ نظَري إلى السماء، فصادفتُ صورة آرثر وهو يضحك وهذا ما زاد جنوني، فأعدتُ تمرير الشّفرة حول وريدي الآخر..
هه، قطَعتُه مرّتين..
-الشّرطِي: ومنْ قامَ بإسعافك؟ كيف لازِلت على قيد الحياة بعد كل ما حدث..؟
-إيمّا: لا أعلم كيف وصلت إلى المستشفى، جُل ما أتكره هو أنني بقيت غارقة وسط دمائي الممزوجة بالمياه..
القليل من الأمل والكثير من الدموع المالِحة..
ارتَشفتُ من الخيبات ما يكفي لأفقِد روحِي لكِنّي لم أفقِدها..
اسْتيقظت بعد غيبوبة دامت أسبوعًا كامِلا،هذا ما أخبرتنِي به صدِيقتِي نور..
-الشّرطِي: لكن السؤال المطروح، هو من أنقذَكِ يا فتاةْ؟
-سأُكمِل..
خرجت من المُستشفى بعد أنْ دفعَت والدَتِي المصاريف..
نور: ادخلي عزيزتي، لقد قُمنا بتنظيف المنزل جيدًا، لا داعي للخوف..
إيمّا: أرجو أن تُخبريني، من قام بإسعافِي ..
نور: ألا تتذكرين يا إيما؟
إيما (بإستغراب):أتذكرُ ماذا، هيّا أخبريني ولا داعي للّف و الدّوران أرجوك، لست أمزح..
ضربتنِي نور على كتفي و هي تبتسم بعدها أردفت قائلة: لقد أنقذك آرثر، هه
إيما: كيف؟؟ وما دهاه ليُنقِذني، هل شعر بالسّوء حول ما فعل..
-هل يُمكنني الدّخول؟
نور: نعم يا خالتِي، أهلا بِك..
الخالة(والدة إيما): أيا حبيبة قلبي، هل تشعرين بتحسن الآن؟
إيما: نعم يا أمي، أنا بخير لرُؤيتك..
قبّلتنِي أمّي حينها، ثم قامت بإعطائي جرعة الدواء التي أوصى بها الطبيب..
الخالة: سأذهب لتحضير الغداء، بعدها سأقوم بمناداتكن..
نور: حسنا..
ابتَعدت أمّي من الغرفة، حينها أمسكت يدَ نور و ضغطت عليها، كُنت أريد سحب الكلام من فمها، لكنها ضرخت من شدة الألم..
نور(والألم يظهر من عيناها): لازِلت قويّة يا فتاة، هاه سأخبرك ولا داعي لكل هذا العنف معي..
إيما: هيا هيا…
نور: عندما قُمت بتلك الجريمة الشنعاء في حق نفسك، اتّصل بك آرثر عدّة مرة ولم تُجيبي، لذلك قام بالتّنقل إلى منزلك لتفقّدك..
فور وصوله طرق الباب لعدّة لعدة مرات لكِنّك لمْ تفتحِي.. فقام بخلعه، وعند دخوله لاحظ سكون المنزل والظلام الدّامس الذي كُنت غارقة فيه…
فتح الحمام و إذ به يلمح جسدك المهترأ، حمِلك وهو يتعرق خوفا من أن يصيبك مكروه..
إيما(بسُخرية): ههه، هل فعل هذا حقًا، ياله من خائن…!!
نور: دعيني أكمل..
نعم، هو فعل هذا وقد كان منظره لا يوحِي بالخير أبدًا…
نظراتُه و عِناقه لك كانَا يُوحِيانِ بأنّه حقا يُحبك، لكِنه أحمق، خائن كما تقولين، وجزاء الخيانَة العِقاب..
المُهم، وصلتُ أنا بعدما تلقيت أتصالا هاتِفيا مِن والدَتِك المِسكينة..
إيما: والدَتِي؟ ومن أخبرها بالحادِث؟
نور: آرثر قام بإحضارها..
كما أنه غائب منذُ دخولك الغيبوبة..
إيما(وهي تتعرق ببطئ): هاها، إنه في شهر العسل مع زوجته الشقراء، لا تقلقِي..
نور: ومن أين لكِ كل هذه الثّقة.
إيما: لقد وصلتني صورته هو و مهجة الخبيثة قبل قليل..
فجأة، سمعت صوت أمي وهي تنادينا .
إنبجسنا لتناول الغداء الذي أحضرته أمي..
والدتِي: عليكِ بتناول وجبتك كاملة، كي تتحسن صحتك و لا تنسي سنسافر إلى بلدنا بعد أيام..
إيما: أنا بخير يا أمي..
كَانت أمّي خائفة جدًا أثناء تناولنا الغداء، كما أنّها لم تسمَح لِي بغسل الصحون..
أمّا نور انْسحبت بعدما سألتُها عن سبب قلقِ والدَتِي وخوفِها..
-الشّرطِي(وهو يقترب من إيما): اه، إذن هناك سِرٌ يجب معرفته…
إيما: لقد عرِفتُه، فقط دعنِي أُكمِل..
-الشّرطِي: تمام، أخبريني..
إيما( بصوت حزين): لقد مات آرثر على يدِ نور و والِدتِي عندمَا كُنت داخل غرفة الإنعاشْ…
-الشّرطِي: منْ اعْترف لكِ.؟ انتَظِري، يبدو أنك كُنت معهما..
-إيما: لستُ كذَلِك، ولو كان بودي فعل ذلك لما رفّ لي جفن، لكِن لست حمقاء مِثله..
فآرثر تزوج مُهجة من أجل الأموال لا غير..
كما أنه زير نساء وهذا ما دفعني لمُناداتِه بالخائِن..
لا بأس لم يعد يهُمني، أنا فقط أريد أن أُسجَن مكان والدتي ..
-الشّرطِي: أخبريني بالتّفاصيل، وبعد إيجاد الدّليل سنقوم باللاَزم .. لطفًا لا داعِي للدّموع عند السّرد..
-إيما(ابتمسمت ابتسامة عريضة ثم قالت): هاه حسنا..
بعد رحيل نور، أتَت زوجة آرثر (مُهجة) وشرارات الغضب تظهر من داخِلها..
-مُهجة: أين والدتُك المُجرمة ؟
-إيما: هاي، امْتلكِي أعصابك ، وماذا تقصدين بالمُجرمة؟؟
-مُهجة: يا لكِ من غبية، ألم تُخبِرك أمّك و صدِيقتُك ما حدَث؟، انتظِري سأُخبِرك..
بعد دقائق، خرجت أمّي، وفور رأيتها للشّقراء المُتعجرفة، أسقطت الصّحن من يدها..
-أمّي(وهي تردد كلمات متقطعة): آ س ف ة، ل م أ ك ن أق ص د..
-إيما: ماذا تقولين؟ آسفة على ماذا يا أُمِي!
قاطعتنِي مُهجة، بعد جُلوسِها على الأريكة المُقابلة لنَافِذة الصّالون..
-لقد أمّك و صدِيقتُك نور، قامتَا بتعذيب زوجِي و تشريح قلبِه..
إيما: كيف؟ أهذا صحِيح يا أمّي، أرجوك أخبريني..
والدتُها: نعم صحيح، لكنّي سأروي لكِ القصّمة من البدَاية..
وقفتُ بصُعوبة بعد سماعِي لما قالتُه الشّقراء الخبيثة، فأنا لم أكن أتوقع أن والدتِي ستفعل شيءً كهذا، كما أنّني ظننتُه في شهر العَسل، حسْب الصّورة التي أرسلتها لي زوجته..
تمَلّكنِي شعور غريب، خيبة ممزوجة بألم القلب و صداع الرأس..
حَبيبي تُوفى والقاتِل أمّي و صديقتي التي ظننتُها أختِي التوأم…
أمّي: قتَلتُه لأنّه كان مُستفُزًا، وبعد ما روته لي نور، اشْتد غضبِي فقرّرت تعذيبه كما فعل بِك..
سامِحيني عزيزتي، و نور لا ذنب لها، أنا من قام بالتخطيط للجريمة، هي فقط حاولت مُساعدتِي فجَلبت آرثر إلى منزِلها بِحُجة الحدِيث عن كيفية إرضائك بعد استيقاظِك من الغيبوبة…
أعتذر و بشدة..
-إيما: أكملِي..
-أمّي: وردني إتصال من نور، و قد أكدت لي بأن آرثر داخل المنزل..
فطلبت منها تنويمه بواسطة دواء الأعصاب الذي تشربينه أنتِ سِرًا ..
إيما: وكيف علِمت بأمرِ إنهياري العصبي و الدّواء؟
أمّي: لقد أخبرني الطّبيب “آندرِي” فهو صديق أخاكِ، كما أنكِ كُنت تُعالجِين عنده طوال فترة مرضك..
المُهم، وصلتُ لشِقة نور، فتَحتُ الباب فوجْدت آرثر مرمِيًا على الأرض..
ضربتُه على رأسِه لأتأكّد من فقدانِه لوعيه..
ساعدتنِي نور لربطه على الكرسي بواسطة سلاسل حديدية..
ثمّ قامتْ بجلب سكّين حادّ..
وفور إعطائه لي، غُمت بغرزه في الجهة اليسرى من جسده، داخل قلبه ..
استعاد وعيه فور تلقيه، الضّربة حاول الحديث لكنّي لم أكن أريده أن يتفوه بحرف، لذلك قُمت بقطع وريده كما فعلتِ أنتِ بالضّبط..
هه، أردتُه أنْ يعيش نفس التّجربة، ويحدُس نفس الألمِ تماما، مثلكِ..
إيمّا (والدّموع تغزوها): توقفٌي، لُطفا..
لقد أحببته يا أمي، وبالرغم من خيانته العُظمى إلا أنّني لم أكن أريد أن أقتله أبدًا..
لقد كان جزءً منّي..
أمّي: سأُكمل، بعدها سأعترف للشّرطة بما أنّ الحقيقة ستظهر فلا داعي لإخفائها..
عزِيزتي إيمّا، عندما غدرت آرثر لم يكن هدفي قتله وإنما تعذيبه ليشعر بمأساتِك..
-مُهجة: مُمثلة بارعة أنتِ يا خالة، ههه، لقد فعلتِ ما لم أستطِع فعله أنا..
أهنئك..
أمّي: يا ابنتِي، أنا لا أحب حزنك، صدٌقيني همّي الوحيد سعادتك وإن كلفني الثّمن عُمري..
إيما: أين جِثتُه..؟؟
أمّي: بعد قطعِي لرأسِه، قُمت بنزع قلبه من مكانه..
ثمّ ناديت نور لمُساعدتِي على حمله..
مُهجة: القلبُ أرسلته لي كهدية، هه كما أنها قامت بكتابة تهديد لي في مرآة غرفتي..
إيما: هل هذا صحيح؟
أمي: نعم حبيبتي، الحقيقة..
إيما (بإندهاش): و أين خبئتُم الجُثة؟!
أمّي: رميتُها هي و أدواتُ التّعذيب مِن على الهاوِية..
بعدها أخبرتُ نور أن تُخفِي الأمر..
لم أكن أريدك أن تتألمي مرة أخرى..
لم أكن أتوقع أنّني سأتعذب إن تُوفِي آرثر..
هه، غريب بالرّغم من كُرهي الشّديد له إلا أنّ دموعي لا تتوقف الآن..
-الشّرطِي: هاكِ مِندِيلا ولا داعي للدموع، فأنتِ بريئة، أما والدتُك و صديقتُك فعِقابُهمَا الإعدام..
-إيما: أرجوك، عاقبنِي و أترك أمّي، إنها مريضة سرطان وأنا أريدها أن تُشفى لا تُعذب داخل الزّنزانة..
-الشّرطِي: القانُون فوق الجمِيع وأنتِ تعلمِين هذا كونَكِ طالبة حُقوق..
-إيما: نعم أعلم لكن ما باليد حيلة، فأمي حاولت مُساعدتِي والإنتقام لما فعله آرثر..
-الشّرطِي أكملي القصّة بعدها سنقوم بالواجب..
– إيما: أُغمِي عليّ فور سماعي للقصة، بعدها اضطرت أمّي لإصطحابي إلى المُستشفى، أما مُهجة فلا أدري أين اختفت..
-الشّرطِي: تم إعتقالها بحُجة إخفاء الحقيقة، ومدة عقوبتها 5 سنوات سجن نافذة..
-إيما: عندما نهضت، حاولت مناداة والدتِي لكنّها لم تستجِب..
فجأة دخلت نور والدّموع تملأ عيناها..
-نور: سيتم إعتقالك يا إيما..
الشّرطِي: اه، وصلنا لمُفترق الطرق وهذا يعنِي أنّنا اصطحبناك للتحقيق، فور دخولك المستشفى.
إذن سأُكمِل أنَا..
إيما، هتِه الرّسالة من والدتك رحمها الله..
-إيما(وهي تصرخ): كيف،؟ ماذاا تقصد برحمها الله؟
الشّرطِي: لقد انتحرت والدَتُك بعد سماعها خبر اعتقالك، لهذا هي لنْ تُعاقب،لكن صديقتك نور ستُسجن ولا أعلم مدة سجنها..
إيما: لا أنت تمزح، أمي لا تفعل هذا، هي لم تمت، أرجوك أخبرني الحقيقة ولا تتفوه بكلمات خاطئة، أرجوك..
حاول الشّرطي تهدأتَها لكن دون جدوى، بعدها قام بإستعداء الإسعاف لنقلها إلى الطبيب آندرِي ..
قام الطبيب آندرِي، بوضع بطاقة صفراء، في ملف المريضة وهذا ما يعني أنّها تعدّت مرحلة الإنهيار العصبي، وعِلاجُها يأخُذ وقتًا كبيرًا، أمّا نور فقد حكِم عليها بـ 15 سنة من السجن..
_______
و بعد مرور سنتين، خرجت إيما من المصحة العقلية وهي في كامل قواها العقلية..
لكن هذا لم يمنعها من تكْرار فعلتها الشّنيعة ..
ففور عودتها إلى المنزل تذكرت جُلّ ما حدث معها و هذا ما دفعها لقطع وريدها، ظنّا منها أنّها ستتلقي بوالدتها إن ماتت، ولحسن حظها، أن آندري تبعها ليُخبرها بأنّه يريد الزّواج مِنها..
طرق الباب لمرتين، بعدها فتحته وإذ بها تراه مُندهشًا من السّكين الموجودة في يدها..
-آندري: إيما، أرجوك لا تفعلي، لقد أتيت إلى هنا لأخبرك وصية والدتك..
وهاهي ذي الرّسالة تُأكّد ما أقوله..
أمسكت الرّسالة وبدأت تقرأ «عزيزتي إيما، أعلم أنك ستقرأين كلماتي ولا أريدك أن تذرفي دموعك، هه وفريها ليوم زفافك لطفا صغيرتي..
كما أنّني متأكدة من أن من اخترتُه لك سيكون عائلتَك و مصدر سعادتك فإحساس الأم لا يخيب..
أتمنى حبيبتي أن توفي بوعدِك لي، و تُنهِي دراستَك لتُصبحِي مُحامية بارعة..
اه، نسيت أريد أن تتزوجي في أقرب وقت، هيا لا تخيبيني..»
انهمرت إيما بالبكاء، بعدها قررت الوفاء بوصية والدتها حتّى وإن كانت لا تُحب آندري..
وبعد مرور أيام أقامت حفل زفاف و سافرت إلى بلدها لقتطن هناك بعيدًا عن الآلام التي عاشتها في بلد غير ملائم لأجواء حياتها و تفكيرها..
النّهاية…
الكاتبة: إيناس براهيمي، عين دفلى.