تحسسوا رؤسكم
في ديوان (اقول لكم)للشاعر والمسرحي المصري الكبير الراحل صلاح عبد الصبور قصيدة بعنوان( الظل والصليب)ينهيها بهذه النصيحة بعد ان لاحظ ان..
(رؤوس الناس علي جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات علي جثث الناس)
ينهيها بالقول.
فتحسس راسك
فتحسس راسك.
وفي نص الكاتب المسرحي العراقي الجديد (المخدة)
ينهي المونودرام بقوله هو الاخر.
تحسسوا رؤوسكم
واحذروا وسائدكم
.والنص الجديد لسعد هدابي يشدك اليه بل يرغمك علي قراءته وشخصيا لا يمكنني ان لا اقرأ اي نص يكتبه هدابي منذ ان اكتشفته واكتشفت نصوصه المسرحية . التي تتنوع بين النص الواقعي والنص العبثي او النص المطعم بالعبث.
وهدابي من كتاب المسرح في العراق الذي يعرف ما يقول والي اين يريد الوصول وتحظي نصوصه باهتمام من طرف النقاد والفرق المسرحية وهو كاتب سيناريو كذلك وله عدة سيناريوهات سنيمائية احرز حوائز في مهرجانات مختلفة .كما احرزت نصوصه المسرحية هي الاخري جوائز وقدمت علي ركح المسرح ليس في العراق فقط بل عدة دول عربية وهو من الجيل الجديد في العراق الذين اضافوا للمسرح الكثير وقفزوا به قفزة نوعية بوأته مكانة محترمة في الحركة المسرحية عربيا
لهدابي عدة اصدارات في المسرح ولا يتوقف عن كتابة الجديد في كل مرة ومنوعا تجاربه وموضوعاته كذلك.
المخدة هو اخر نص لهدابي في منشوراته واخر نص قراته له.
النص من نوع المونودرام شخصيته الوحيدة بهلول الي جانب مجموعة من المخدات التي يعاملها كشخصيات حية .يحاورها ويتوهم انها تحاوره ويدفعنا الي الاعتقاد نحن كذلك قراء ومتفرجين الي كونها فعلا تحاورها وانها كائنات حية بدءا من مخدة الطفولة والتي ينتهي به تلامر الي خنقها بعد ان يمل منها وبعد ان كانيحاورها ويبادلها احلامه ثم الوسادة الوردية والتي تهجره وتموت هي الاخري وكان يحبها اذ ترمز الي المرحلة الوردية في الحياة مرحلة الشباب ولكنها هي تلتي تمله وتنفر منه فتهجره لتموت ويبدا هو البحث عنها وينعيها في الصحف ثم المخدة النتة التي يهديها له جاره عبد الودود بعد ان عرف بحزنه علي مخدته الوردية .ولكن مخدة عبد الودود القذرة هي مخدة التجسس التي في احشائها الكاميرات التي تكشف امر بهلول وتوصله الي السجن وكأن هذه المرحلة هي مرحلة النضال عند الانساس البهلول وما يعترضه في حياته من المشاكل والمصائب وما يتعرض له من المحن جراء الوشايات المغرضة .يدليعود بهلول الي حضن الام يعود الي مخدة الام.منتقلا بعدها الي مخدة التسول في الشوارع وعطوره علي هذه المخدة علي الرصيف ويفترض ان صاحبها مات وتركها ويجد بهلول جوف المخدة محشوا بالعملات النقدية ليلج بعدها رفقة المخدة عالم القمار وهي تحثه علي اللعب ممنية اياه بالربح مثل الذين يلعب معهم ومانوا من قبل مثله فقراء وحاء ثراءهم من القمار لكن بهلول يخسر كل ما وجده في جوف المخدة ليعود الي رصيف التسول وفي حلمه يري ما يشبه مقبرة تملاها مخلوقات رؤوسها مخدات وذلك منذ الخلق الاول فيوجه لنا النصيحة في النهاية بان نتحسس رؤوسنا ونحذر وسائدنا..
وكأني هنا بسعد هدابي يمسرح قصيدة صلاح عبد الصبور (الظل والصليب) وينهيها مثله بالنصيحة والتحذير.
نص المخدة المونودرام لسعد الهدابي نص درامي قوي ومؤثر.
هندسه سعد بمعرفة وبتفوق كذلك وهو اضافة نوعية لنصوصه السابقة .وفيه مسحة عبثية .ولكنها تبدو كأنها واقعية وفيه من الشاعرية في اللغة التي زادت قوته كما فيه من اتساع المجال للمخرج والمؤدي كذلك بحيث لم يقيدها سعد بالارشادات بل ترك المجال مفتوحا امامها للابداع فيهما.
(علاوة وهبي)