* كيف تنظرين للمشهد الشعري الجزائري اليوم؟
الشعراء بالجزائر يكتبون بدمهم ، منغمسون في رسم معالم شعر مميز و ندي يعاصر حداثة الأدب العربي و يتناول الشكل و المضمون للقصيدة العربية المعاصرة ، شعراء استفاقوا على واقع و هموم اجتماعية و سياسية ، يحملون أفكار مختلفة و هم مؤمنون بأهميتها و بضرورة الدفاع عنها ،
نحن نكتب لأننا بحاجة لذلك حقا، لكي نقول لا لمن يستحق ذلك بحروف أبجدية صارخة .
لقد أهلكتنا الفوضى السياسية بامتياز و خربت هدأة القلوب، أثرت سلبا على الحياة اليومية للإنسان الذي بدوره تشتت حيلته و اجتاحه اليأس و الاحتياج و البطالة و الظلم ، و الشاعر منهم تارة يهرب من مخاوفه إلى عالم خلجات الروح الحالم بالحب و الأمن و الطمأنينة و السلام ، و طورا يتحدى و يواجه هذه الممارسات بنصوص و نقوش رافضة و ناقدة للكدر المتفشي ، غير كاتم لغيظه الغاضب و مستنكر للوضع السالب للحق و للحريات.
الإنسانية تسحق في ظل كل هذه الأسباب و غيرها و هي مكاشفة حقيقية للزيف الذي نعيشه و لأحلامنا التي توؤد بين ناضرنا باسم الوطن و هنا يكتب الشاعر و يقول جراحه و جراحنا ، همومه و همومنا ، آماله و آمالنا ، الشاعر هو لسان الإنسان المواطن و الإنسان السيد و الإنسان المكسور و يبث الحب في أعماله بأساليب و معاني تمس أعماق الأشياء المعنوية و الجامدة .
* ما أهم المنابع والروافد الفكرية التي ساهمت في تألق الشاعرة سمية مبارك ؟
قراءاتي متنوعة للفيف من الشعراء المعاصرين ، قرأت لمحمود درويش و أنسي الحاج و لعبد الوهاب البياتي و لنزار قباني و بلند الحيدري و غيرهم كثيرون .
ما ينبغي للشاعر الناجح هو الاستمرار و ترسم طريقا مختلفا في الكتابة الشعرية و محاولة مواكبة التحولات في عالم الكتابة بما يتلاءم و روح العصر و استشراف الأجمل و الأحدث .
*هل هناك صرع بين سمية مبارك الإنسانة وسمية مبارك الكاتبة أم هناك علاقة ائتلاف بينهما ؟
أنا أكتب نفسي بكل تقلبتاتها و هدوئها ، و لا أخجل أبدا من أن ترتسم معالمي في كتاباتي، لأني جزء من هذا العالم و أتمتع بوجودي و تواجدي به ، لذا أنا متصالحة مع كل يمر بي سلبا او إيجابا لأنه يصقل تجاربي في الحياة و يمنحني القوة .
أذكر جيدا لحظات انكساراتي العديدة التي أعادتني أكثر صلابة و إرادة و تحمل و بعد كل محطة أليمة يأتيني الفرح و أتحسس لذة الانتصار ، كذلك لحظات السعادة الموثقة في حياتي هي بصماتي الإبداعية و يتجلى ذلك في ميلاد كل منجز أدبي جديد و كل إصدار شعري لي هو فاتحة ألق و حب و سعادة بالنسبة إلي .
*هل استطاع الأدب الجزائري أن يصل للمشرق العربي بشكلٍ جيد؟
يحاول الإبداع الأدبي الجزائري أن ينافس الحركة الأدبية بالمشرق العربي، و تعد المدرسة الجزائرية في النقد الأدبي رافدا للمنهجية في البحوث و الدراسات الأدبية و هي تأثث لانتصار للمشهد الأدبي بالجزائر الذي سعى دوما إلى منافسة هيمنة المشرق في إرساء تقاليد إبداعية و فكرية ضاربة بجذورها أعماق الهوية الجزائرية
*هل مزال الشعر الجزائري يوجد التلقي والتفاعل الجيد في ظل التكنولوجيا التي غزت العالم ؟
إن للإعلام العربي دور كبير في تشكيل ثقافة المجتمع و هو دعوة متجددة للمعرفة و لإيصال المعلومة بسرعة و فاعلية و لقد تطورت وسائل الاتصال وتعددت و شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا هائلا بفضل التقدم العلمي والثورة التكنولوجية ، و بالنسبة للساحة الشعرية فقد أصبحت وسائل الإعلام تمارس دورًا جوهريًا في إثارة اهتمام القارئ و المهتم بالشأن الثقافي و الأدبي بجديد الأعمال و الإصدارات المطروحة ، حيث تعد وسائل الإعلام مصدرًا رئيسًا يلجأ إليه الجمهور في الحصول على معلوماته بسبب فاعليته الاجتماعية وانتشاره الواسع وقدرته على الوصول ومخاطبة المتلقي ، و من خلال ممارستي للفعل الثقافي و الأدبي فإني التمست حاجة المثقف الى تواجد وسائل التواصل و التمويل الثقافي لتصبح أوسع اتصالا تمتد الى تركيبة الأنماط الثقافية المتنوعة كونه مصدر تأثير و تأثر ، فالبرامج الثقافية بمختلف أصنافها تعتبر وثيقة الصلة بالمشاهد العربي ، و في ظل كثرة الإنتاج الأدبي بالمحيط العربي عامة فان المنات الرقمية الثقافية الثقافية عليه أن تتحمل مسؤولية المادة الثقافية التي يروج لها فنحن في أزمة و أصبح كل من كتب شيئا قال عنه انه شعر و أخذ صيتا و انتشارا و اهتماما و وقعنا نحن الشعراء في نفس السلة و هذا يعد خطير جدا للمادة الشعرية العربية.
أما شبكات التواصل الاجتماعي فقد أزالت على الكتاب المبدعين الحواجز بل كل الحدود و أصبحت الإبداعات تسافر إلى أنحاء المعمورة و تتفاعل مع المتلقين في أصقاع الدنيا و هذا ما يشهده النص التفاعلي الرقمي .
*هل تشعر سمية بوجود الرقيب في كتاباتها وهل مازلت هناك خطوط حمراء للشاعرات الجزائريات يجب عدم تجاوزها ؟
الرقيب هو ضمير الكاتب و مدى إيمانه بحدود خطوطه الحمراء التي بإمكانه تجاوزها بذكاء عبر أساليبه الشعرية الأنيقة ، فللكاتب أو الشاعر دور ريادي في المجتمع فهو بالنهاية يمثل فرد من أفراد هذا المجتمع و الكتابة الجادة بدورها تلعب دورا هاما ثقافيا و اجتماعيا و حضاريا و قلمه السحري هو سلاحه و هو الناطق الرسمي لجوارحه و مواقفه و آماله و طموحاته ، و للكاتب و المجتمع تأثير متبادل لتحقيق الإصلاح الثقافي و الاجتماعي فللكلمة دور في بناء المجتمعات فكل شيء يمكن أن يزول إلا أثر الكلمة فهي علامة ايجابية و تبقى راسخة على مر العصور و الأجيال ، فدورها دور تهذيبي و تكويني و تحريضي أحيانا .
المجتمع هو الحياة التي نحياها و نعيشها و من أجلها نناضل من أجل بقائنا فننظر إليه بعين فاحصة و نسهم في رقيه و نضجه و نزرع الأمل و استشراف الأجمل و من الضروري جدا أن تكون للشاعر أو الشاعرة فلسفته و رؤاه حتى يساهم في بناء مجتمعه و لذلك فإن تطلعاته تكون أعمق من غيره فيتوجس قضايا أمته، و لقد تخطت الكاتبة الجزائرية مسألة الخوف من الرقابة ذاك لانها اعتلت مرحلة الكتابة الناضجة.
*هل للشعر الجزائري مستقبل؟
الشعر الجزائري صنع مجده و مستقبله و افتك عديد الجوائز العربية و هو مقيم في ذهن كل المتذوقين العرب و بين دفاتر المتمدرسين و الطلبة و محل دراسات أدبية و نقدية.
*ما جديد سمية مبارك ؟
أنا الآن في مرحلة تأمل و صمت إبداعي.
*كلمة أخيرة لقراء الصالون الثقافي ؟
طبعا الإبداع إلهام موجه للقارئ و لا بد من مراعاة المتلقي ، قد يكون المتلقي مرآة للمتلقي إن كان فعلا مقتنع بأفكار المبدع و رؤاه فيتأثر بما حمله من قضايا و رؤى و هذا طبعا إن كان فعلا يساير المبدع و يترسم ما يحمله من هموم و يعايش كل مشاعره فيتحسّس كل حرف و كل إيقاع و كل فكرة يمثلها و يعيشها فيغدوا شريكا للمبدع بل مرآته التي يرى من خلالها ما يراه المبدع ، و المتلقي هو من يرى نفسه من خلال المبدع و ما ينتجه إذا فالمبدع هو مرآة المتلقي .
شكرا من القلب لمبدعي و قراء الصالون الثقافي