إن الشعر العربي اليوم، يمر بمراحل مختلفة ومتنوعة نظرا لعدة معطيات منها تشعب المصطلح الأدبي، مما سبب خلطا لدى القارئ عموما، الذي لم يستطع فهم ما يكتب وفي أي خانة يمكن إدراجه، مما تسبب في عزوفه عن القراءة، هذا من جهة ومن جهة أخرى حتى المبدع في حد ذاته اختلطت عليه الكثير من الأمور، فلجا إلى السهل منه دون الدراية بنوع الكتابة التي يكتبها، وما تتضمنه من آليات معرفية، هذه الأمور مجتمعة، هي التي ساهمت في تردي الوضع الثقافي بصورة عامة وأخص بالذكر هنا المقرؤية التي تراجعت كثيرا ، بالرغم من الكم الهائل الذي ينشر الآن، هذا من منطلق ما هو موجود، مما أدى إلى ظهور الكثير من الكتابات تحت تسميات مختلفة ، النص المفتوح ، الومضة، القصة القصيرة جدا، توقيعات ، وغيرها من التسميات المختلفة، التي ظهرت منها فعلا كتابات جادة تستحق فعلا الوقوف عندها، واستطاعت أن تنقل القارئ إلى جو آخر من الإبداع الذي يعتمد على الوعي الثقافي، لأن مختلف هذه الإبداعات الجديدة، تعتمد على التكثيف اللغوي والإيحاء والبعد الفكري والإنساني، وليست مجرد تهويمات يكتبها من هب ودب، فهي بذلك استطاعت أن تسرق بريق الشعر رغم أنها هي في حد ذاتها من امتداداته، ولكنه زمن السرعة والفلاش بك، هو الذي ساهم في انتشار هذا النوع من الأعمال المتنوعة ولكن يبقى المشكل نفسه وهو دخول المتطفلين الذين يأكلون من كل الموائد الإبداعية حبا في الظهور فقط بعيدا عن ما يعرف بالإبداع، ولذا وجب أن تتكاثف الجهود وخلق حركة نقدية موازية لقطع الطريق أمام كل الأعمال الرديئة ، إذا ما أردنا القيام بفعل ثقافي وإبداعي يتماشى مع صيرورة المجتمع، ويتماشي مع الحركة الإبداعية العربية، لأننا مازلنا بعيدين عن التأثير الحقيقي ومازلنا بعيدين أيضا عن مواكبة الحركة الثقافية العربية باستثناء بعض الأسماء الأدبية التي استطاعت بمجهودها الفردي أن تصنع لنفسها مناخا تنافسيا على المستوى العربي.