ذات شغف امتطت صهوة الشوق تسابق حزنها نحو الغابة المجاورةلتلفظ لهاث سنين وتنهيدة عمر في فم العتبةفي ذلك الكوخ الذي سلم قلبه لعطر أشجار اللبخ حين حاوطته من كل جانب. يوم استضافهما زوجين عاشقين على مر سنوات سحيقة أورت في قلبيهما نيران اللهفة بثقاب من خلود. أرسلت بصرها عله ينفض غبار الفقد ومسحة الوجوم من فوق الأثاث. ذات الطاولة التي كانت تحمل فنجنيهما مع كل إشراقة. لم تعرف تغييراكبيرا سوى أنها تشققت بعض الشيء كأرض عطشى. غادرها الماء ردحا من الزمن. لا بأس في ذلك. جميل أن يصمد الكوخ بتفاصيبه رغم كل شيء. على ذلك السرير المتاهلك تطلق خصلات شعرها الحريري. وأطياف همهمات قديمة تعبث به. استفاقت على طعم دمعة وهي تلامس شفتيها. لتنتفض من جديد وتجوب ببصرها في أرجاء المكان. ليقع على علبة صغيرة فتتخطفها وتدنيها نحوها. علبة سجائر حمراء لونها. تفتحها لتجد في قلبها ثلاثة أصابع سجارة. ألحت البصر كأنها تقرأ الطالع. لتلوح لها صورته ذلك اليوم حين أغضبته فامتشق سجارة يلثمها. ونظرته الحانية تطوقها عن بعد….” يالها من عنيدة ” كان هذا قوله يومها. في غمرة حنين لم تنتبه إلا على صوت سعال يخرج من صدرها. وسيجارة متقدة تعانق كفها الناعم. ليكون الدخان المتصاعد فقاعة كالبلور قرب وجهها. آذنة لها بالدخول. فتنساب مايا كالسمكة إلى جوفها وأعقاب سجارتها تقاوم قبلة الريح. لكي لا تنطفأ.، نفضت مايا رأسها وثغرها الملائكي فاغر كطفلة رأت أمرا جللا. يستعصى عليها ان تستوعبه . أترى هذا الأمر هدنة مع الزمن. أم هو امتياز من ذاكرتها. أتراه ما يقال عنهLe dija vu لاجواب ،تعلن هزيمتها أمام الحدث.حين وجدت نفسها من جديد في ذات الموقف الذي جمعها بليث وسط عنادها وغضبه الحنون…. اتسعت حدقتاها من الفرح والذهول، لم تعد تلك العنيدة. وكتصحيح لنهاية الموقف. غابت علبة سجائره من طاولة العشاء ليمتزج صوت ضحكتها بأنفاسه الباسمة. أما الآن فقد حان الوقت لتلفظها البلورة خارجا وأصابعها تحكم القبضة على سجارتها المنطفئة. بقايا ابتسامة تغفو على شفتيها. هل كان حلما.؟! كيف يكون حلما وعلبتها تحمل موعدين. للقاء. نامت قريرة العين وهي تحضن علبه السجائر الحمراء. مع إشراقة جديد جهزت نفسها وتعطرت. مرتدية ذات الملابس قبل يوم من الحادث. مخرجة من العلبة ثاني مفتاح للولوج إلى الموعد جديد . فتجد نفسها أمام قناديل الفرح وعيني ليث وسط هالة من الشبق. لتودعه في المساء بإبتسامة على أمل اللقاء الثالث. تلفظها البلورة من جديد وسط الكوخ. لكن لماذا يجافيها النوم؟! . أ لأن سجائر اللقاء ستنتهي؟! ربما. تقوم مسرعة نحو خزانة ألبستها. لتحضر طقم لقاءها الثالث والأخير لتتقدم يدها نحو صورتين بالخزانة احداها صورة للكوخ والثانية لأشجار اللبخ الفواحةالتي تحيطه . لتدس الصور في حقيبة يدها. كآخر تحضير لموعد اللقاء الثالث فقد اختارته أن يكون مصادفا لذكرى وفاة زوجها ليث. أشعلت آخر سجارة وولجت إلى البلورة من جديد. لتعيش آخر اللحظات قبل الحادث . كانت تواجه موقفا صعبا لم تكن لتقرر أن تعيش الحدث ثانية في جوف البلورة. لو لم تكن مظطرة إلى ذلك…. قبل أن تنطفأ آخر سجارة وتلفظها إلى الخارج. هرعت إلى خزانة ليث وارتدت ثيابه المخضبة بالدماء.وارتمت نحوه لتدس رأسها بصدره. ويداه تطوقانها ا. ارتج بهما المكان. لتلفظ البلورة أعقاب السجائر الثلاثة في وسط الكوخ. بعدما اختارت مايا أن تعيش وليث في عالمه الذي اختاره له القدر.