تندرج هذه الرواية ضمن الرواية المعرفية الصوفية الما بعد حداثية، تم الاشتغال فيها على تفكيك ما تم التعود عليه في الرواية؛ حيث تمتفكيك: الشخصيات، الأمكنة، الأزمنة، السرد، والميتاسرد. تجمع بين: الرواية، والقصيدة، والقصة، والمسرحية،والهندسة، والرسم، الفضاء الأزرق، والفيلم السينمائي، ككتابة جديدة تهوى التجريب.محورها الرئيس الاشتغال على اللغة وفق بلاغة السرد الجديدة، وأن الإنسان كائن لغوي يعيش باللغة وداخل اللغة وتشكل رؤيته للعالم، فحداثة الرواية العربية لابد أن تنبعث من داخلها، ولا تكون بتقليد الآخر.
لماذا يتم اللجوء للتجريب؟ التجريب في الأدب محاولة تحديث؛ الذي هو ضرورة تاريخية وثقافية وحضارية لاستمرار الكائنات والأفكار، معظم الأفكار في الأدب وفي غير الأدب لا تولد من عدم، بل يعاد إنتاجها من خلال عمليات التحديث. والتحديث استجابة آلية لمنطق التاريخ يتم في مفاصل تاريخية معينة دون إكراهات خارجية، ويأتي استجابة لرغبات في حركة التاريخ وليس لإرادات الأفراد فقط، بمعنى أن أي عملية تحديث مالم تصادف قبولا تاريخيا فهي عملية فاشلة. التجريب في الرواية حتمية تاريخية مفروضة على الرواية في حالة ما بعد الحداثة.
والروائيون مجرد وسائط تعمل على انجاز هذه التجارب بعد قراءة صائبة للواقع،لا تكون للتحديث أية مصداقية إلا حين تكون أسئلته منبثقة من طبيعة واقعنا وثقافتنا وأدبنا. فحين تتلقى أسئلة الحداثة من خارج مجالنا الثقافي فإننا نؤجل أسئلتنا الحقيقية وننصرف إلى أسئلة هامشية أو ربما أسئلة لم تطرحها ثقافتنا أو على الأقل ليس هذا أوان طرحها، وبالتالي يكون تحديثنا عبثيا. وهذا ما هو مطلوب من الرواية العربية المعاصرة، فليس ما وصل إليه الغرب هو منتهى التحديث، واللجوء إلى النقد والرواية الغربية للاستنجاد بهما؛ لأن الحداثة مشروع تاريخي ينمو بشكل متكامل مع تاريخ الثقافة، فالحداثة وضعية تاريخية تتوج مسيرة حضارية معقدة وليست نتائج علمية أو ثقافية يمكن أخذها وزرعها في بيئة أخرى، يمكن للحداثة أن تنتقل عبر الحدود ولكنها غير قابلة للتبيئة نظرا لخصوصية البيئات وتبايناتها الثقافية والاجتماعية ومطالبها الذاتية والموضوعية.