الشاعرة سمية مبارك في حديث للصالون الثقافي
أنا أكتب نفسي بكل تقلباتها وهدوئها
حين ترسم الكلمات أبهى القصائد وتحلق في سماء الإبداع وتنشد أحلى الأنغام في متون الحرف والكلمة، لتأتي القصائد شذى وعطرا يعبق أمكنة الحب والاشتهاء، تأتي الشاعرة سمية مبارك هي الأخرى لتحلق بنا في فضاءات الجمال والإبداع منشدة أحلى وأبهى القصائد، لها العديد من المجموعات الشعرية التي أضفت على الساحة الابداعية أسمى معاني الحب والصدق ، قال عنها الشاعر الكبير سليمان جوادي سمية مبارك تسعى إلى استفزاز القارئ ومطالبته بالتفكير والتدبر في كل لوحة من لوحاتها وتستدعي خياله من أجل دخول العوالم التي حاولت أن ترسمها بالكلمات
وفي هذا الحوار لمجلة الصالون الثقافي نحاول أن نقترب أكثر من عالم سمية الإبداعي وعن مشاريعها وأرائها في الكثير من القضايا الثقافية والإبداعية كان هذا اللقاء.
حاورها عزوز عقيل
* كيف تنظرين للمشهد الشعري الجزائري اليوم؟
الشعراء بالجزائر يكتبون بدمهم ، منغمسون في رسم معالم شعر مميز و ندي يعاصر حداثة الأدب العربي و يتناول الشكل و المضمون للقصيدة العربية المعاصرة ، شعراء استفاقوا على واقع و هموم اجتماعية و سياسية ، يحملون أفكار مختلفة و هم مؤمنون بأهميتها و بضرورة الدفاع عنها ،
نحن نكتب لأننا
بحاجة
لذلك حقا، لك
ي نقول لا لمن يستحق ذلك بحروف أبجدية صارخة .
لقد أهلكتنا الفوضى السياسية بامتياز و خربت هدأة القلوب، أثرت سلبا على الحياة اليومية للإنسان
الذي بدوره تشتت حيلته و اجتاحه اليأس و الاحتياج و البطالة و الظلم ، و الشاعر منهم تارة يهرب من مخاوفه إلى عالم خلجات الروح الحالم بالحب و الأمن و الطمأنينة و السلام ، و طورا يتحدى و يواجه هذه الممارسات بنصوص و نقوش رافضة و ناقدة للكدر المتفشي ، غير كاتم لغيظه الغاضب و مستنكر للوضع السالب للحق و للحريات.
الإنسانية تسحق في ظل كل هذه الأسباب و غيرها و هي مكاشفة حقيقية للزيف الذي نعيشه و لأحلامنا التي توؤد بين ناضرنا باسم الوطن و هنا يكتب الشاعر و يقول جراحه و جراحنا ، همومه و همومنا ، آماله و آمالنا ، الشاعر هو لسان الإنسان المواطن و الإنسان السيد و الإنسان المكسور و يبث الحب في أعماله بأساليب و معاني تمس أعماق الأشياء المعنوية و الجامدة .
* ما أهم المنابع والروافد الفكرية التي ساهمت في تألق الشاعرة سمية مبارك ؟
قراءاتي متنوعة للفيف من الشعراء المعاصرين ، قرأت لمحمود درويش و أنسي الحاج و لعبد الوهاب البياتي و لنزار قباني و بلند الحيدري و غيرهم كثيرون .
ما ينبغي للشاعر الناجح هو الاستمرار و ترسم طريقا مختلفا في الكتابة الشعرية و محاولة مواكبة التحولات في عالم الكتابة بما يتلاءم و روح العصر و استشراف الأجمل و الأحدث .
*هل هناك
صرع بين سمية مبارك الإنسانة وسمية مبارك الكاتبة أم هناك علاقة ائتلاف بينهما ؟
أنا أكتب نفسي بكل تقلبتاتها و هدوئها ، و لا أخجل أبدا من أن ترتسم معالمي في كتاباتي، لأني جزء من هذا العالم و أتمتع بوجودي و تواجدي به ، لذا أنا متصالحة مع كل يمر بي سلبا او إيجابا لأنه يصقل تجاربي في الحياة و يمنحني القوة .
أذكر جيدا لحظات انكساراتي العديدة التي أعادتني أكثر صلابة و إرادة و تحمل و بعد كل محطة أليمة يأتيني الفرح و أتحسس لذة الانتصار ، كذلك لحظات السعادة الموثقة في حياتي هي بصماتي الإبداعية و يتجلى ذلك في ميلاد كل منجز أدبي جديد و كل إصدار شعري لي هو فاتحة ألق و حب و سعادة بالنسبة إلي .
*هل استطاع الأدب الجزائري أن يصل للمشرق العربي بشكلٍ جيد؟
يحاول الإبداع الأدبي الجزائري أن ينافس الحركة الأدبية بالمشرق العربي، و تعد المدرسة الجزائرية في النقد الأدبي رافدا للمنهجية في البحوث و الدراسات الأدبية و هي تأثث لانتصار للمشهد الأدبي بالجزائر الذي سعى دوما إلى منافسة هيمنة المشرق في إرساء تقاليد إبداعية و فكرية ضاربة بجذورها أعماق الهوية الجزائرية
*هل مزال الشعر الجزائري يوجد التلقي والتفاعل الجيد في ظل التكنولوجيا التي غزت العالم ؟
إن للإعلام العربي دور كبير في تشكيل ثقافة المجتمع و هو دعوة متجددة للمعرفة و لإيصال المعلومة بسرعة و فاعلية و لقد تطورت وسائل الاتصال وتعددت و شهدت في السنوات الأخيرة تطورًا هائلا بفضل التقدم العلمي والثورة التكنولوجية ، و بالنسبة للساحة الشعرية فقد أصبحت وسائل الإعلام تمارس دورًا جوهريًا في إثارة اهتمام القارئ و المهتم بالشأن الثقافي و الأدبي بجديد الأعمال و الإصدارات المطروحة ، حيث تعد وسائل الإعلام مصدرًا رئيسًا يلجأ إليه الجمهور في الحصول على معلوماته بسبب فاعليته الاجتماعية وانتشاره الواسع وقدر
ته على الوصول ومخاطبة المتلقي ، و من خلال ممارستي للفعل الثقافي و الأدبي فإني التمست حاجة المثقف الى تواجد وسائل التواصل و التمويل الثقافي لتصبح أوسع اتصالا تمتد الى تركيبة الأنماط الثقافية المتنوعة كونه مصدر تأثير و تأثر ، فالبرامج الثقافية بمختلف أصنافها تعتبر وثيقة الصلة بالمشاهد العربي ، و في ظل كثرة الإنتاج الأدبي بالمحيط العربي عامة فان المنات الرقمية الثقافية الثقافية عليه أن تتحمل مسؤولية المادة الثقافية التي يروج لها فنحن في أزمة و أصبح كل من كتب شيئا قال عنه انه شعر و أخذ صيتا و انتشارا و اهتماما و وقعنا نحن الشعراء في نفس السلة و هذا يعد خطير جدا للمادة الشعرية العربية.
أما شبكات الت
واصل الاجتماعي فقد أزالت على الكتاب المبدعين الحواجز بل كل الحدود و أصبحت الإبداعات تسافر إلى أنحاء المعمورة و تتفاعل مع المتلقين في أصقاع الدنيا و هذا ما يشهده النص التفاعلي الرقمي .
*هل تشعر
سمية بوجود الرقيب في كتاباتها وهل مازلت هناك خطوط حمراء للشاعرات الجزائريات يجب عدم تجاوزها ؟
الرقيب هو ضمير الكاتب و مدى إيمانه بحدود خطوطه الحمراء التي بإمكانه تجاوزها بذكاء عبر أساليبه الشعرية الأنيقة ، فللكاتب أو الشاعر دور ريادي في المجتمع فهو بالنهاية يمثل فرد من أفراد هذا المجتمع و الكتابة الجادة بدورها تلعب دورا هاما ثقافيا و اجتماعيا و حضاريا و قلمه السحري هو سلاحه و هو الناطق الرسمي لجوارحه و مواقفه و آماله و طموحاته ، و للكاتب و المجتمع تأثير متبادل لتحقيق الإصلاح الثقافي و الاجتماعي فللكلمة دور في بناء المجتمعات فكل شيء يمكن أن يزول إلا أثر الكلمة فهي علامة ايجابية و تبقى راسخة على مر العصور و الأجيال ، فدورها دور تهذيبي و تكويني و تحريضي أحيانا .
المجتمع هو الحياة التي نحياها و نعيشها و من أجلها نناضل من أجل بقائنا فننظر إليه بعين فاحصة و نسهم في رقيه و نضجه و نزرع الأمل و استشراف الأجمل و من الضروري جدا أن تكون للشاعر أو الشاعرة فلسفته و رؤاه حتى يساهم في بناء مجتمعه و لذلك فإن تطلعاته تكون أعمق من
غيره فيتوجس قضايا أمته، و لقد تخطت الكاتبة الجزائرية مسألة الخوف من الرقابة ذاك لانها اعتلت مرحلة الكتابة الناضجة.
*هل للشعر الجزائري مستقبل؟
الشعر الجزائري صنع مجده و مستقبله و افتك عديد الجوائز العربية و هو مقيم في ذهن كل المتذوقين العرب و بين دفاتر المتمدرسين و الطلبة و محل دراسات أدبية و نقدية.
*ما جديد
سمية مبارك ؟
أنا الآن في مرحلة تأمل و صمت إبداعي.
*كلمة أخيرة لقراء الصالون الثقافي ؟
طبعا الإبداع إلهام
موجه للقارئ و لا بد من مراعاة المتلقي ، قد يكون المتلقي مرآة للمتلقي إن كان فعلا مقتنع بأفكار المبدع و رؤاه فيتأثر بما حمله من قضايا و رؤى و هذا طبعا إن كان فعلا يساير المبدع و يترسم ما يحمله من هموم و يعايش كل مشاعره فيتحسّس كل حرف و كل إيقاع و كل فكرة يمثلها و يعيشها فيغدوا شريكا للمبدع بل مرآته التي يرى من خلالها ما يراه المبدع ، و المتلقي هو من يرى نفسه من خلال المبدع و ما ينتجه إذا فالمبدع هو مرآة المتلقي .
شكرا من القلب لمبدعي و قراء الصالون الثقافي