الضياع ( قصة)
بقلم هدى نعمون
يقول حرّاق ( مهاجر غير شرعي) و هو على مشارف الغرق : ومع نهار ذاهب رحت أجدد بقايا رجاء مهمش ،ألملمه بحرص داخل زورق ألقيته وصحبي في الضباب تحت هشاشة ضوء قمر يئس من منادٍ علق دمعتين لم يلحظهما أحد. نقطع موجا يلتزم صمتا غير شرعي وكل العيون في الحدود نائمة لم تسهر ،نطلق صيحات الغربة توزع جمرا باردا أبرد من صقيع ليل حولنا لن ينتهي ،نشق طريقا وعلى جنبينا المنفى والموت ،هجرنا وقد خلفنا وراءنا نصف العمر لنعيش نصف الغربة غرقا في زمن الزجاج الهش. الريح الزفوف تدفعنا نحو أضواء المدينة-هناك- حيث لا ينقطع فيها الكهرباء فلا نحتاج شمعا ينير مائدة صغيرة لا تسع الجميع عليها قطع الخبز الحافي، لتتحول مع مرور الوقت إلى صرصر في يوم نحس مستمر كبومة حطت على رؤوسنا تصوغ رثاءً ناحبا يرتب لجنازتنا الجماعية، لا نعرف في أي أرض سندفن ليبكونا. عبثا أحاول التشبث بقارب الغربة الغارق ،وجدتني أتمسك باللاشيء وما أكثرها في حياتي الضائعة، تشبه شعارات قرية الظل المتأججة في الأسواق تتشاجر حول معان بلا فائدة ،توهمنا بالتغيير غير أنها في الواقع تعيد ترتيب فقرنا القديم في شكل جديد. حاولت المحافظة على هدوئي بين كومة غضب الأمواج يتزاحم فيها الردى وهو فينا منذ آدم عليه السلام ، والضياع فينا لم يقنا منه، لنكتشف أنّنا كنا نتحايل على المحن بالتلاقي في المحن. هو الموت ملجأنا، هو يقين لا نجده في حكايات الجدات، لا سندباد هنا يجعلني أوهم نفسي أن البحر سيستثنيني بسعادة تنتظرني على شاطئ النجاة، فلا يُقدم على تسريب برودته داخلي و قد تشربتها مذ فتحت عيني على المدينة-هنا- التي لا توزع عذاب الضياع بالعدل ،تسبقني إلى الفراش تسحب قشعريرتها إلى جسدي المزرق تحت سقف غرفة في العراء بلا عنوان ،هي البرودة عينها التي كانت تلهيني أيام طفولتي عن اللعب كما تخرس الشيوخ عن الثرثرة وتحرم البطالين عن لعب النرد. غرق العمر كله في ظلمات البحر لتطفو قطعة الخبز على سطحه وضعتها أمي الغافلة في جيبي وأنا خارج إلى…
I loved the story. ..and I’m excited about the rest…well done btw❤