شهقة الدرويش
الشاعر عبد المجيد علاق
فؤادي أسود كالياسمينِ
وظنّي أبيض مثل اليقينِ
تعافر شهوة الأشعار روحي
وما جسدى سوى أحلام طينِ
أربّي شهقة الدويش منفى
يسافر بي إلى وطن حزينِ
فأحسب بالكتابة بعض عمري
وليس العمر يحسب بالسنينِ
وليس الموت غير كؤوس ذكرى
شربت بها طواسين الحنينِ
ومنْ عنب الغياب عصرت خمرا
لأسقي ربّة الوجع الأمينِ
تلاقي بسمتي العجفاء حينا
وتلقى دمعتي في كلّ حينِ
هنا ذات الشمال لمست قلبا
يداري نبضه ذات اليمينِ
إذا لغة أتتْ منْ عشق أتثى
أتى الدرويش منْ لغة الأنينِ
فلوْ يستشرف الدرويش قولا
يؤوب القول للصمت المبينِ
ففي أحشائه الدرويش معنى
به حمل الهوى حمل الجنينِ
فكيف ستحمل الأسماء رمزا
ورمز العشق كالشوق الدفينِ
تشكّل عشقه قطرات نور
وعشق الطين منْ ماء مهينِ
فوجهي صائد الأكباد حسنا
وميلادي المهرّب كالكمينِ
فريد الدين في نعشى تجلّى
وكاشفني المريد بألف دينِ
دم الحلاج سال على قميصي
فضمّد جرحه بدم الوتينِ
يعلّم حبّه نصف الصبايا
بأنّ الحبّ لي أوراق تينِ
وأنّ هنا الجمال جمال أنثى
تخبّئه بمعطفها الثخينِ
فكمْ منْ فارس شهم أصيل
ولا يهتمّ بالفرس الهجينِ
وإنّي فارس الفرسان دوما
أتيت إليك منْ أصل مكينِ
فكوني حلوتي فرسا أصيلا
معا نمضي بدرب مستبينِ
لنمشي نحو موردنا سويّا
كما يمشي القرين مع القرينِ
فهذا الصبر أرهق كبريائي
وما للصبر عندي من معينِ
كجلجامشْ أفتّش عنْ خلود
أضيّع سرّ موعدك الضنينِ
غدي أسطورة نسيتْ بأمسي
فما يحكي الأبُ للبنينِ
ووحدك خلف ذاكرتي تصلّي
ويكتبني هواك على الجبينِ
لأجلك بعت نومي الهشّ بخسا
وبعتُ سعادتي بأسى ثمينِ
منحتك خلوة الدرويش جمعا
لأطلق فيك إحساسي السجينِ
وأشعل زمهرير رؤاي بحرا
تفارق روحه لهف السفينِ
فإسمك مثل ناقوس بدير
بوجداني له بعض الرنينِ
أرى خيط الوصال إذا افترقنا
إليه نُشدّ كالحبل المتينِ
أجيبي ما الوسيلة كي أرأني
وفي عينيك أبصر حور عينِ
من الظلمات يشرق ضوء ناي
يعيدك لي على لحن رصينِ
على عجل له تصغين مثلي
بسمع صدى وصدر مستكينِ
إذا خرج به الحمقى تباعا
دخلت له بإحساس فطينِ
فأقسى الصخر فيك وإنْ تمادى
لديك تذيبه ريحي بلينٍ
سأنأى عنْ مخالطة الخطايا
وأبني لي مقاما كالعرينِ
فهذا الشعر أهداني وجودا
به آوي إلى ركن ركينِ
إلهي إنّني وجّهت وجهي
على ثقة إلى البلد الأمينِ
فهبْ لي منك مغفرة وعفوا
وهبْ لي بالهوى بعض اليقينِ