أريد أن أصير شجرة
مريم لطرش/ المسيلة
هذا الثقب الأسود ..
يبتلع كل شيء
يشل حركة الكون حولي
يحيلني لكرسي هزاز فارغ
صمت مطبق
و تتلعثم الفكرة ..!
شرودٌ بحجم الفجيعة
لم تعد هنالك أغنية تصلح لندندنها
ولا عاد هنالك خيال نتشبث به
خرقوا سفينة الحلم عندنا
و كان وراءنا ملوك
أخذوا كل شيء غصبًا
شردوا الأمل فينا
غربونا عن سعادتنا
فما عاد لنا وطن
نحن الحالمون
نحمل الوطن حيث نشوتنا
غير أننا نسكن الخيبة
بقدر ما تسكننا
شرودٌ بحجم الوجيعة
و هذا الكلام لم يعد يطيق الكلام
تتداخل الحروف
و تنشب حرب بين الجمل
تفر حتى الذاكرة!
أي قصة تقال و أي فكرة
فكل الأفكار صارت عدم
و هذا الصمت مطبق
صمت طويل ..كصمت المقابر
ما عاد في العمر شيء يدعو للحياة
ولا عاد هنالك متسع لرجاحتنا !..
لهلوستنا! ..
لخرافاتنا !..
أشقياء .. أشقياء..
شقينا و لا عزاء لنا
ولا جدار مبكى يأوينا
غارت العيون بحثا عن دلاء الدمع
كل شيء جف ..
لم يعد لنا حق النحيب
كبرنا على البكاء
كما كبرنا على الفرح
أبناء الخيبة
إلتقمنا ثدي الخسارات باكراً
لا فطام لنا !
نحن أساس ثابت حيث اللاشيء
نقطة سافرة بين نصين
فارغ باذخ
و صمت للصمت نفسه
ما عاد لنا مكان
ولا قضية
فارغون كرشاش جندي أعزل
نصبوا له كمين
يمد اليد مستسلما
فتخترقها رصاصات الغاشمين
هذا العمر مضى !
لم يبق منه سوى رائحة الدم
و الحلم المحترق كالبارود
جبهة للقتال فارغة
و بقايا حصن
بقايا ذاكرة
ننكس رايات الإستسلام
نتقاسمها كفنا أبيض
كما كنا نتقاسم رغيف الخبز
كنا نغمسه إيدام الصبر
و نرش الملح على الجرح العفن
نضُبت جرار الصبر فينا
أكل العفن ما بقي منا
سنمضي وحدنا للقبر
قبر بعيد ..
على سفح جبل عالٍ
نتوسد بقايانا
نهيل التراب الدافئ
نعصر ٱخر محاجر للدمع
نروي أنفسنا ..
سنزهر هذه المرة شجرة !
أصلها ثابت في الأرض
من ضلع أعوج !
استقر فرعه في السماء مستقيما
نثمر للكون فاكهة أحلامنا
حلوة .. مشتهاة
يكسوها صمت غوايتنا..
أليس للإنسان المتعب أن يصير شجرة؟!