مالم تقله السّوداء!
بقلم :إبراهيم خيراني
عطفت الرّكبة البيضاء،على الرّقبة السّوداء ،تحاول شلّ حركتها ،وتغافلت عن ارتباطها بالحبل الوتين ،وما الوتين إذا توقّف ،إلا توقّفت معه كلّ ذرّات الجسد ،وأضحت جمادا.
لكن لم تغافلت الرّكبة ؟،أم أنّها عضو خارج عن أعضاء الجسم؟.أو أنّ الرّكبة البيضاء تعرف خصائص الرّقبة البيضاء فقط؟،ولا تعلم بشبهها مع الرّقبة السّوداء؟!.
…وراحت الرّقبة تترجّى الرّكبة ؛أن أفيضي عليّ ببعض الهواء يا ابنت العم من الرّجل والجسد.
فأجابت الرّكبة :لاقرابة بيننا في القانون.وهي تصيح في نفسها :آبائي وأخوالي كلّهم بيض ،فأين القرابة بيننا ؟!
ردّت الرّقبة ،وقد فهمت مضمر الكلام :
ما الألوان التي صبغنا بها إلّا امتداد لاختلافنا
في كلّ شيء ؛الأفكار،والدّين ،والعادات …
ولم تكد تنه ،حتّى أخرستها الرّكبة ،وصاحت في غضب :عليك أن تكوني أكثر صلابة ،الذّنب ذنبك .
ردّت الرّقبة في صوت متهدّج:
إنّها …معادلة …ضيزى ،كان …عليك…أن تهوي…على صدري…
أرخت الرّكبة من ضغطها ،فواصلت الرّقبة ،في محاولة لإنقاذ نفسها :..فهو مماثل لك في صلابته ،أم أنّك جبانة ،وتخافين انفلاتي ،فاتخذت سبيل الخائفين ،وركبت الخديعة؟.
لم تجد الرّكبة مهربا ؛إلا أن تشدّق بزهو جملة تحفظها دون سواها :أنا أطبّق القانون .
فصرخت الرّكبة : والقانون،أيطبّق على الرّقبة السّوداء فقط ؟
أجابت الأخرى في حنق :أظنّك لم تسمع .
القانون يقول:إذا ما رأيت أعضاء تثير الفوضى،فشلّ حركة رقبتها ،لتردع باقي الأعضاء .
ردّت الرّقبة في محاولة يائسة :
ولكن ،ألاتعتقدين أنّك تستعملين هذه الطّريقة ،مع الرّقاب السّوداء فقط؟.أمّا البيضاء فتكتفين بتوبيخها ونهرها ،ثمّ تتركينها في سبيل حالها؟
_قالت الرّكبة :
أجل …أجل ،لنكن صرحاء ،البياض والسّواد عدوّان ،والقانون يثبت العداوة.ألم تسمع به؟؛إنّه يقول :«إذا لم تقتل أسودا أيّها الأبيض ،فانتظر منه أن يقتلك…السواد رمز للغدر،والخيانة ،والهمجية ،وكلّ فعل خسيس …والبياض رمز للطّهارة ،والعدالة ،والتّسامح ،وكلّ ما لا يقبل دناءة»
قالت الرّقبة :”إنّنا ندفع ثمن ألواننا بفقد أرواحنا،تلك هي مسرحية العنصريّة“.لتلتزم بعدها الصّمت الأبدي .