الإعلامية علياء بوخاري في حديث لمجلة الصالون الثقافي :
” آمنت بأحلامي منذ البداية ولا مجال للتراجع …”
كالفراشة محلقة من نور إلى نور لتحترق مضيئة بذلك في دروب الايداع ،اسمها علياء وهي فعلا كذلك علياء المقام في الصرح الثقافي الذي استطاع في فترة وجيزة أن يكون لناديها الابداعي “نادينا جميعا” محطة واستقاطابا لأهل الثقافة والفن استطاعت علياء فيه أن تجمع عددا كبير من المبدعين والمثقفين برغم اختلاف توجهاتهم وإيديولجياتهم في حقل مزهر للثقافة والابدع حاولنا في الصالون الثقافي أن نسلط الضوء على هذه الطاقة التي استطاعت أن تنحت اسمها على صخر الحياة دون إطالة إليكم الرائعة والجميلة علياء بوخاري
حاورها : عزوز عقيل
قبل البدء هل يمكن أن يتعرف القارئ على الإعلامية علياء بوخاري ؟
أنا إعلامية عاشقة للثقافة والفكر ،.. عاشقة لكل ما هو جميل في هذه الحياة ، شعاري هو التفاؤل والإصرار على النجاح ، من مواليد مدينة وهران عام 1983، خريجة معهد علوم الإعلام والاتصال جامعة وهران عام 2005، نزلت إلى الميدان و أنا في الجامعة، وكأنني كنت أسابق الزمن لملامسة حلمي الذي رافقني منذ الطفولة، فكانت أولى بداياتي في جرائد محلية خاصة أذكر منها ” الجزائري ” ، صدى وهران” وجريدة الوصل ” ، ليأخذني القدر بعدها إلى جريدة الجمهورية الغراء، كان ذلك عام 2007 عندما وطأت قدماي هذه المؤسسة العريقة التي تعلمت منها الكثير ولازلت أتعلم، فهي كانت بوصلتي نحو النجاح والشمعة التي أضاءت دربي و أنا أشق طريقي نحو الفلاح، وهكذا بدايتي كانت مع قسم الروبورتاجات ثم القسم المحلي، لأستقر في القسم الثقافي ..وخلال منتصف عام 2015 أصبحت رئيسة القسم الثقافي ومسؤولة النادي الأدبي ، ومنذ أيام فقط أسست جمعية ” علياء ” ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والإنساني ..
يعتبر النادي الأدبي بجريدة الجمهورية من أعرق النوادي الأدبية وأنشطها ، كيف استطعت المحافظة على هذا الصرح في ظل وجود وسائل اتصال جعلت القارئ يعزف عن ما هو ورقي؟
فعلا..، يعد النادي الأدبي من أبرز و أعرق الملاحق الثقافية والفكرية بالجزائر، والإشراف عليه مسؤولية كبيرة جدا، فهو مدرسة عريقة زرع بذورها الأولى الراحل بلقاسم بن عبد الله عام 1978 رفقة حبيب السايح، وعمل على رسم ملامحها بكل احترافية وتميز، ليجعل من النادي فضاء فكريا وحضنا للعديد من الأسماء اللامعة التي أصبح لها اليوم شأن كبير على المستوى الوطني والعربي وحتى الدولي ….وأنا أتسلم مشعل التسيير والإشراف عام 2015 ، أول ما تبادر إلى ذهني كيف أعيد بعث النادي من جديد؟، وكيف أقنع القارئ الجزائري بمتابعته وقراءة نصوصه، ونحن في زمن العولمة والتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي؟؟، ..أسئلة كثيرة أخلطت أوراقي وجعلتني أفكر مطولا في خطة عمل ناجحة ، وكانت الخطوة الأولى هي إعادة الأسماء الأدبية التي كانت تكتب قديما في هذا الملحق الثقافي،ـ مثل الروائي واسيني الأعرج، الروائية ربيعة جلطي، الشاعرة زينب الأعوج، الشاعر عبد الله طموح، الشاعرة أم سهام، الدكتور محمد ساري، الدكتور السعيد بوطاجين، محمد مفلاح ، أزراج عمر ، عاشور فني، وغيرهم من الأسماء الرائعة ..بعدها ركزت على مواقع التواصل الاجتماعي التي اعتمدتها بكثرة من أجل الترويج للنادي وتقريبه أكثر من القراء ، وبالفعل نجح الأمر، ..
قام النادي بجلب عدة أسماء وازنة كيف استطاعت علياء جمع هذا الشمل من الكتاب والأدباء برغم اختلاف الكثير من التوجهات لهولاء؟
منذ لحظة تكليفي كرئيسة للقسم الثقافي بإعادة هيكلة النادي الأدبي ، شرعت في رسم خطوط واضحة من أجل إعطاء دفعة قوية لهذا الملحق العريق ، حملت المشعل منتصف سنة 2015 ، إذ لا أنكر حينها أنني انبهرت بما وجدته من دراسات وقصائد شعرية ومقالات تحليلية، ما جعلني أفكر في كيفية إحياء هذه الصفحات بإخراج فني جديد دون المساس بجوهر النادي وروحه التاريخية ، تواصلت مع أبرز الأقلام التي كانت تكتب قديما في الجمهورية،…وأول من التحق بالنادي هو الروائي واسيني الأعرج الذي وافق فورا على العودة إلى حضن الجمهورية من جديد ، حاملا في قلبه الكثير من الشوق لهذه المؤسسة ولوهران بصفة عامة، من خلال زاويته ” جمهورية واسيني ” التي سرد فيها ذكرياته التي عاشها وهو طالب في الجامعة و أيضا كصحفي متعاون عمل بيومية الجمهورية ، بعدها التحقت معنا الروائية ربيعة جلطي التي قررت أن تنفض الغبار عن شخصيات وهران المنسية وعن أحيائها وشوارعها العتيقة ، ..تفاصيل جميلة كنا نقرأها في ” الربيعيات ” ونستمتع بها كل أسبوع، ومن الأسماء التي نعتز بها أيضا زينب الأعوج التي كانت تتحفنا بقصائدها ونصوصها السردية في ركن ” إشراقات زينب” ، و أيضا الصديق حاج أحمد الزيواني في ركن ” ثرثرة من الجنوب ” ، المفكر أزراج عمر في ركن ” أوراق أزراجية”، وبعدها الدكتور السعيد بوطاجين الذي لا زال حاضرا معنا بقوة من خلال زاويته الأسبوعية ” مرايا عاكسة ” التي تضم مقالات نقدية هامة جدا ، وجدت مكانتها وسط القراء خاصة الطلبة والمفكرين، و أيضا عبد الرحمان الزاوي ضمن زاويته ” بيت الترجمة”
، والأستاذ محمد داود، عبد القادر رابحي ، عبد الحفيظ بن جلولي ، محمد تحريشي وغيرهم من الأسماء الكبيرة…
من النشر في النادي إلى نشر الكتب ، إضافة أخرى جريئة يضيفها النادي لمبدعيه وكتابه، هل هي الجرأة أم هو التحدي ؟
هو تحدي أكيد.. ، فالنشر الورقي ما هو إلا تثمين لمجهودات الكتاب وتوثيق قيم لما كتبوه، ..ونحن في بداية الطريق لم نفكر في النشر الورقي صراحة، إلا بعد أن حققت النصوص المنشورة نسبة متابعة هائلة و أصبحت مادة فكرية وأكاديمية معتمدة من قبل الطلبة والباحثين والمفكرين من مختلف الدول العربية ، و البداية طبعا كانت مع الروائية ربيعة جلطي التي نشرت نصوص ربيعياتها ضمن كتاب ” سيرة شغف ” ، ليتم بعدها إصدار الجزء الأول من كتاب ” مرايا عاكسة ” للدكتور السعيد بوطاجين ، ليليه كتاب ” لوحات سردية وحفريات أنثروبولوجية من عالم الصحراء” للكاتب الصديق حاج أحمد الزيواني، وهي نصوص عكست روح الصحراء وجوهرها النفيس، بين قصور الطين والنخيل، وبين كثبان الرمال ومواويل الأجداد …نصوص عبرت الزمن ورحلت بالقارئ إلى عوالم الجغرافيا الجنوبية، لترسم أمامه ثقافات متوارثة وطقوس احتفالية متداولة وحكايات شعبية راسخة ، بعدها تم توقيع رواية ” الغجر يحبون أيضا ” للروائي واسيني الأعرج ، وبعدها صدر الجزء الثاني من مرايا عاكسة للسعيد بوطاجين …في انتظار توقيع المزيد من الإصدارات التي ستتوج النادي الأدبي أكيد …
استطاع النادي في وقت قصير أن يكون واجهة لكل المبدعين على المستوى الجزائري والعربي، هل تشعرين بأن المسؤولية أصبحت ثقيلة نوعا ما ؟
قلَّ ما نجد صفحات أدبية تقتحم أسوار الجامعة ،وتكون ملاذا لطلبتها ومحل دراسات جامعية وأكاديمية ،ما سر هذا النجاح ؟
أهم خطوة نجحنا فيها هي تتويج النادي الأدبي أكاديميا، بعد أن تمّ إدراج نصوصه ضمن المقررات الجامعية الجزائرية ، وتقديم دراسات أكاديمية حوله من قبل باحثي كراسك وهران ” المركز الوطني للبحوث الأنتروبولوجية الثقافية والاجتماعية”، الذين احتفوا به ضمن ندوة فكرية، أشرف عليها الأستاذ الحاج ملياني، وقد قامت الباحثة فوزية بوغنجور بتقديم دراسة معمقة عن تاريخ ملحقنا الثقافي وأهميته ونجاحاته و الصدى الذي حققه على المستوى الوطني والعربي، ..دون أن أنسى الطلبة الذين يتوافدون على مقر ” الجمهورية ” من أجل إجراء بحوث ومذكرات حول نصوصنا الإبداعية والفكرية ..
ماذا أضاف لك النادي وماذا أخذا منك؟
النادي الأدبي أضاف لي الكثير ، جعلني أتغلغل في عالم الأدب الجزائري، أتعرف عن كثب على إبداعات شبابنا وتميز كتابنا ، ..النادي صنع لي عالما جميلا لا يمكن مقاومته مهما حاولت الابتعاد، وأهم شيء أنني استفدت الكثير واستمتعت بالنصوص التي تنشر، ..أيضا النادي صنع لي علاقات جميلة مع أصدقاء رائعين، تعلمت من خلاله كيف أغار على ثقافة بلدي وأعمل جاهدة لتعزيز مشهدنا الإبداعي إعلاميا على المستوى الوطني والعربي وحتى الدولي لم لا ؟؟، النادي علمني أيضا كيف أتجاوز لحظات السقوط و أتعلم من الفشل ، كيف أرفض الاستسلام وأواجه إخفاقاتي بالنجاح، .. هذا عن العطاء أما فيما يخص سؤالك : ماذا أخذ منك ؟ ، النادي أخذ مني وقتا ومنحني نصرا ..
هل هناك آفاق جديدة بالنسبة للنادي مستقبلا ؟
بالطبع توجد آفاق ومشاريع ، ..ويبقى طموحي الأكبر هو الترويج أكثر للنادي الأدبي، خصوصا على المستوى العربي، وهناك مشاريع كثيرة ستصب في هذا الجانب على غرار تنظيم ملتقيات عربية ودولية ووطنية أيضا، الهدف منها بناء جسر أدبي قوي يسمح للمبدعين بتبادل الأفكار وطرح الانشغالات، أتمنى حقا أن نوفق في ذلك، كما أطمح إلى إدراج أكبر عدد ممكن من نصوص النادي الأدبي ضمن المقررات الجامعية وتمكين الطالب من دراسة ما ننشره حتى يستفيد ويوثق ما تعلمه ضمن مذكرات تخرج وبحوث أدبية معمقة ، و طبعا من الآفاق أيضا إصدار المزيد من الكتب والاحتفاء بكتابها تحت سماء وهران الباهية ..
الإعلام الثقافي معضلة الجزائر الكبرى ، رغم هذا الكم من الجرائد والقنوات لا نجد مجلة ثقافية متخصصة ولا قناة تهتم بالوضع الثقافي ، إلى ما يعود المشكل في رأيكم ؟
والله فعلا الأمر محزن جدا، أعتقد أن المشكل الحقيقي في تغييب الإعلام الثقافي هو الجهل بمدى أهميته، حيث أن الكثيرين لا يقدرون مكانته في المجتمع و كيف أنه يساعد على الترويج لفكرنا و أدبنا الجزائري، .. وهناك أيضا عامل آخر هو أن أغلب المسؤولين يهمشون الفعل الثقافي ولا يعطونه حقه من الدعم والاهتمام، فالثقافة في نظرهم مناسباتية وهي فقط للترفيه بدل أن تكون للتعليم والتنوير والتغيير ..
من خلال تجربتكم في النادي، كيف ترى علياء الساحة الثقافية الجزائرية.؟؟
رغم وجود بعض النشاطات الثقافية والمشاريع التي نثمنها أكيد، لكن نبقى بعيدين جدا عن الاهتمام الذي توليه باقي الدول للثقافة، للأسف المثقف الجزائري لا يأخذه حقه من الرعاية وجهوده لا تثمن بالشكل الصحيح، ويبقى التهميش سيد الموقف ..والأمر لا يتوقف هنا فحسب، بل حتى النشاطات الثقافية لا تقدم بالشكل الذي يليق بها ، دائما على الهامش، وهذا يحزنني جدا، كما أن الكثير من المسؤولين يعتبرون الفن والثقافة مجرد ” كرنفال ” لا يسمن ولا يغني من جوع ، وهذا يقتل الإبداع ويهمش المبدع ..
بعيدا عن الإعلام الثقافي وعن النادي كيف تقضي علياء أوقات فراغها ؟
الحمد لله أملك في أجندتي الكثير من الهوايات والنشاطات المختلفة ، فأنا أولي اهتماما كبيرا بحياتي العائلية ، وأكثر ما أقوم به هو التنزه و السفر هنا وهناك، أحب أن أتعرف على مناطق لا أعرفها في بلدي، كما أنني مدمنة على شرب القهوة ههه ، لذلك أختار بعناية الأماكن التي أجلس فيها حتى أستمتع بوقتي، أيضا أزور جدتي باستمرار، و ألتقي صديقاتي اللائي يمنحنني الكثير من الطاقة الايجابية، خاصة لما أقتسم معهن لحظات الأناقة و التجميل، ..و للقراءة نصيب كبير في يومياتي ، كما أحب مشاهدة الأفلام والاستماع إلى الأغاني .. أعتقد أن حياتي مزدحمة نوعا ما هههه .
كتاب قرأته ومازال عالقا بذهنك ؟
كل الكتب التي قرأتها لا تزال عالقة في ذهني، فأنا من عادتي أنني أعيش تفاصيل كل قصة وكأنني جزء منها، ولا أتخلص من تأثيرها إلا بعد أيام حين أتصفح كتابا آخر ..
جاءت جمعية علياء لتسد الفراغ الثقافي في وهران ،ما هي مشاريعكم الثقافية في الجمعية وإلى أي مدى تريدون الوصول؟
لأول مرة أتحدث عن جمعيتي ” جمعية علياء” التي تأسست في أكتوبر 2020، الحمد لله تحقق حلمي بعد طول انتظار، جمعية ” علياء ” مشروع إنساني ثقافي واجتماعي، جاء كي يعكس طموحاتي التي تعيش معي، منذ سنوات، فبعد رحلة طويلة مع نجاحات النادي الأدبي، فكرت أن أقدم خدمات أخرى تصب في الجانب الخيري، دون أن أهمل الجانب الإبداعي و الثقافي أكيد ، لا أنكر أنني امرأة طموحة وحالمة فوق اللزوم، ولا أدري إن كان الأمر ايجابيا أم سلبيا في نظركم .. !! ، لكن بالنسبة لي لم أحقق إلا نسبة ضئيلة من أحلامي الكبيرة، ..أعدكم أن جمعيتي ستكون مختلفة ومتميزة، وأتمنى أن أنجح في نشر الفرح وسط المبدعين ، وأن أوفق في أن أكون فاعلة في مجتمعي ثقافيا وخيريا .
في الأخير ماذا تقولين لقراء النادي الأدبي.، وما هي الرسالة التي تريدين ايصالها من خلال الصالون الثقافي ؟
رسالتي هي أن نحب ما نقوم به ..، ونعيش كل لحظة على أنها الأخيرة، ..فالسعادة الحقيقية لن يصنعها لنا أحد والابتسامة لن يرسمها على وجوهنا شخص آخر، وإنما نصنعها بأنفسنا وبثقتنا في قدراتنا، …رسالتي أن يؤمن كل شخص بحلمه ولا يسمح لأحد بالتدخل في قراراته وطريقة عيشه، فمن المهمّ أن نستثمر طاقتنا وغضبنا في تحسين حياتنا وتحقيق نجاحاتنا وتجاهل ما يوترنا، فالنجاح أكبر انتقام ..