أخاديدُ المُشتهى
شعر :خالد لوناس *
للصَّمتِ من قبضة الأفواه تقييدُ
والنًّفسُ فُسحتها شَـدٌّ وتنهيدُ
حُرُّ التَّغنِّي هُوَ العصفورُ في قفصٍ
تعربدت طربًا منه الأغاريدُ
كم تنتشي هوسًا أسماعُ صاحبِه
فيكتسي نشوة التَّغريدِ عِربيدُ
فمن سقاهُ نديمُ الكاسِ ثمَّ هَذى
فكلُّ ما رامه في الهَذْيِ مقصودُ
الشاةُ يذبحها السِّكِّينُ أضحيةً
كالرَّقصِ رعشتُها والمُشتهى عيدُ
تلك التَّباشيرُ بالأرياحِ تُذهلنا
طرائقٌ تعِبتْ من خَطِّـها البيدُ
بئرٌ هُناك سقَتْ حَرَّانَ غُربتها
مِنْ جَرِّ أحبالها بانت أخاديدُ
وشاعرٍ باسمٍ يفشي بشاشته
على الوجوه وباب الحظّ مسدودُ
ماانفكَّتِ العينُ تُجري الماءَ رقرقةً
والكُنْـهُ مُلتهبٌ بالماء موقودُ
وغادةٍ أتعبَ الأعناقَ مشهدُها
لينًا تثَنَّـتْ على أعطافِها الغيدُ
بانت كمشكاةِ نورٍ وهْي باسقةٌ
تُذيعُ غَزْلَ الضُّحى والغَزْلُ ممدودُ
أليستِ الشَّمسُ ! منها الوجهُ منبسطٌ
أم أنَّ مِنْ سحرها تَخْفَى التَّجاعيدُ
بلى وهل تُنكِرُ الأكوانُ خالقها
أو يُنكرُ الخَلْقُ طيبًا فاعَهُ العُودُ
لا غرو أنْ مالتِ الأنواءُ آفِلةً
لكنْ لها في السَّما بعثٌ وتجديدُ
هذي شُهودي كفيتُ الغائبين بها
في لُجَّـةٍ من لُجاجِ البحر مشهودُ
للوِرْدِ أدليتُ حرفي دونما ظَمَإٍ
فعزَّ مطلبُه ذا فهْـو مورودُ
بالجود طوَّعتُها من قبضتين يدي
وليس ينفكُّ عن جودي الأجاويدُ
الشِّعرُ ما بين صمتٍ وانتفاضته
جَدْبٌ وخِصبٌ وموجودٌ ومفقودُ
تمطَّ بالشِّعر أميالًا فإنَّ له
في النَّاس منزلةً فيها لمحمودُ
فالأمسُ منصرفٌ واليومَ مُعتركٌ
وفي الغداة لنا رَدٌّ وترديدُ
وأيُّ قولٍ له في الدَّهر مُدَّكرٌ ؟
إذا الأحاديثُ خانتها الأسانيدُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*شاعر من الجزائر